عن كتاب : التفهيم لأوائل صناعة التنجيم

لم يتكرر الشيء واحد المدلول عليه عند الكواكب و لم يختلف في بعضها ؟

أصل ذلك و ها الأصول و إضطراب قياساتها .
ثم إن أصحاب الصناعة إتفقوا فيما بينهم على توزيع الألوان و الأرايح و الطعوم و الخواص و الأفعال و الأخلاق على الكواكب بحسب طبائعها و سعادتها و نحوستها .
ثم أضافوا الموجودات إليها بقدر ذلك , و بقدر الأوقات التي تتولد فيها أو تستعمل .
- و قلما ينفرد كوكب واحد بالدلالة على شيء , و إنما يشترك فيه كوكبان أو أكثر بوجود كيفيتين فيه ظاهرتين منسوبتين إلى كوكبين : كالبصل و إشتراك المريخ فيه بحرارته و الزهرة برطوبته , و كالأفيون و إشتراك زحل فيه ببرودته و عطارد بيبوسته فإذا نسب بعضهم إياه إلى زحل فالبرد , و إذا نسبه غيره إلى عطارد فاليبوسة .
- و ليس للقوم في هذا الباب دربة فيختلف ما في كتبهم بل يتضاد
- و ربما إشترك في الشيء الواحد عدة كواكب بعدة كيفيات و خواص .
- و من الأشياء ما يدل عليه كوكب واحد , ثم يشاركه سائرها في أنواعه : كالزهرة الدالة على جملة الرياحين لأجل طيب روائحها , ثم يشاركها المريخ في الورد للشوك في شجرته و الحمرة في لونه و الحدة المثيرة للزكام في رائحته , و يشاركها المشتري في النرجس , و زحل في الآس , و الشمس في النيلوفر , و عطارد في الشاهسفرم , و القمر في البنفسج .
و كذلك يقسم الكواكب أبعاض الشيء و مثاله : في شجرة واحدة بعينها فإن أصلها للشمس و عروقها لزحل و شوكها و أغصانها و قشورها للمريخ و زهرها للزهرة , و ثمرها للمشتري , و ورقها للقمر , و حبها لعطارد .
- و يقسم أيضا أبعاض الشيء الواحد مما ذكرنا في الشجر كالبطيخ مثلا : فإن جسمه للشمس و شحمه و المائية للقمر و القشر لزحل و الرائحة و اللون للزهرة و الطعم للمشتري و الحب لعطارد و قشر الحب و شكله للمريخ .